ما هي حقيقة ألواح النبي موسى (ع) ؟

تعودُ الوصايا العشرةُ إلى التّراثِ اليهوديّ والمسيحيّ، وقد جاءَ ذكرُها في العهدِ القديمِ في سفرِ الخروجِ وسفرِ التّثنيةِ، وتبدأ هذهِ الوصايا بمُقدّمةٍ يُذكّرُ اللهُ فيها بني إسرائيلَ بأنّهُ هوَ الذي أخرجَهم مِن مصرَ " أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخرَجَكَ مِن أَرضِ مِصرَ مِن بَيتِ العُبُودِيَّةِ" ثمَّ يأتي ذكرُ الوصايا التي تنقسمُ بحسبِ المضمونِ إلى ثلاثة أقسامٍ، يتحدّثُ القسمُ الأوّلُ عنِ التّوحيدِ وكونِ اللهِ لا يصوّرُ ولا يُجسّمُ بتمثالٍ كما تتضمّنُ النّهيَ عنِ السّجودِ للأوثانِ وعبادتِها، مُضافاً إلى حُرمةِ الحلفِ باسمِ الرّبِّ كذباً وتقديسِ يومِ السّبتِ، وأمّا القسمُ الثّاني ففيهِ وصيّةٌ بالوالدينِ وكونها سبباً لإطالةِ العُمرِ، والقسمُ الثّالثُ يحتوي وصايا أخلاقيّةً لها علاقةٌ بالمُجتمعِ وكلُّها جاءَت بصورةِ النّهي وهيَ النّهيُ عنِ القتلِ والسّرقةِ والزّنا وشهادةِ الزّورِ والنّظرِ بشهوةٍ إلى ما لدى القريبِ، وهيَ كما جاءَ نصُّها في العهدِ القديمِ مِن سفرِ الخروجِ الإصحاحِ العشرين: 

1- ثُمَّ تَكَلَّمَ اللهُ بِجَمِيعِ هذِهِ الكَلِمَاتِ قَائِلًا:

2- أَنَا الرَّبُّ إِلهُكَ الَّذِي أَخرَجَكَ مِن أَرضِ مِصرَ مِن بَيتِ العُبُودِيَّة.

3- لاَ يَكُن لَكَ آلِهَةٌ أُخرَى أَمَامِي.

4- لاَ تَصنَع لَكَ تِمثَالًا مَنحُوتًا، وَلاَ صُورَةً مَا مِمَّا فِي السَّمَاءِ مِن فَوقُ، وَمَا فِي الأَرضِ مِن تَحتُ، وَمَا فِي المَاءِ مِن تَحتِ الأَرض.

5- لاَ تَسجُد لَهُنَّ وَلاَ تَعبُدهُنَّ، لأَنِّي أَنَا الرَّبَّ إِلهَكَ إِلهٌ غَيُورٌ، أَفتَقِدُ ذُنُوبَ الآبَاءِ فِي الأَبنَاءِ فِي الجِيلِ الثَّالِثِ وَالرَّابعِ مِن مُبغِضِيَّ،

6- وَأَصنَعُ إِحسَانًا إِلَى أُلُوفٍ مِن مُحِبِّيَّ وَحَافِظِي وَصَايَاي.

7- لاَ تَنطِق بِاسمِ الرَّبِّ إِلهِكَ بَاطِلًا، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبرِئُ مَن نَطَقَ بِاسمِهِ بَاطِلًا.

8- اُذكُر يَومَ السَّبتِ لِتُقَدِّسَه.

9- سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعمَلُ وَتَصنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ،

10- وَأَمَّا اليَومُ السَّابعُ فَفِيهِ سَبتٌ لِلرَّبِّ إِلهِكَ. لاَ تَصنَع عَمَلًا مَا أَنتَ وَابنُكَ وَابنَتُكَ وَعَبدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبوَابِك.

11- لأَن فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرضَ وَالبَحرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاستَرَاحَ فِي اليَومِ السَّابعِ. لِذلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَومَ السَّبتِ وَقَدَّسَه.

12- أَكرِم أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَي تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرضِ الَّتِي يُعطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ.

13- لاَ تَقتُل.

14- لاَ تَزنِ.

15- لاَ تَسرِق.

16- لاَ تَشهَد عَلَى قَرِيبِكَ شَهَادَةَ زُورٍ.

17- لاَ تَشتَهِ بَيتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشتَهِ امرَأَةَ قَرِيبِكَ، وَلاَ عَبدَهُ، وَلاَ أَمَتَهُ، وَلاَ ثَورَهُ، وَلاَ حِمَارَهُ، وَلاَ شَيئًا مِمَّا لِقَرِيبِك».

وقَد تمَّ تكرارُ هذهِ الوصايا مرّةً أخرى في سفرِ التّثنيةِ معَ بعضِ الإختلافاتِ مثلَ تعليلِ الرّاحةِ يومَ السّبتِ وإكرامِ الوالدينِ، ومعَ أنَّ الإختلافَ طفيفٌ إلّا أنَّ بعضَ الباحثينَ إعتبرَهُ دليلاً على أنَّ الوصايا تمَّ تدوينُها بعدَ عهدِ نبيّ اللهِ موسى (عليهِ السّلام)، يقولُ أحمد محمود هويدي: (والإختلافُ بينَ النّسختينِ يعودُ إلى إختلافِ المصادرِ، فالوصايا في سفرِ الخروجِ تعودُ إلى المصدرينِ اليهودي والإلوهيمي ويعودُ تدوينُها إلى القرنينِ العاشرِ أو التاسعِ قبلَ الميلادِ، والوصايا في سفرِ التّثنيةِ تعودُ إلى المصدرِ التّثنوي أي عصرِ الملكِ يوشيا وما بعدَه أي القرنِ السّابعِ أو السّادسِ قبلَ الميلاد.

وإلى جانبِ نُسختي الوصايا العشرةِ، هناكَ مجموعةٌ منَ الوصايا المذكورةِ في الإصحاحِ 34 مِن سِفرِ الخروجِ العباراتُ (10 – 26) وهذهِ الوصايا ترتبطُ إرتباطاً وثيقاً بالعقيدةِ حيثُ تنهى عَن عبادةِ آلهةٍ أخرى، وتحريمِ نحتِ التّماثيلِ، كذلكَ الأمرُ بتقديسِ يومِ السّبتِ، ويعتقدُ بعضُ الباحثينَ أنَّ هذهِ الوصايا هيَ أقدمُ نُسخةٍ للوصايا العشرةِ وأنَّ الوصايا المذكورةَ في سفرِ الخروجِ (20) والتّثنيةِ (5) أحدثَ مِن هذهِ النّسخةِ) (مدخلٌ إلى تاريخِ الأديانِ أحمد محمود هويدي ص 114 و 115) ويقولُ حسن حنفي: (إلّا أنَّ بعضَ اليهودِ يرونَ أنَّ الوصايا لم تُبلّغ حرفيّاً، بل سمعَ موسى مُجرّدَ ضوضاءَ شديدةٍ، لا تتميّزُ فيها الكلماتُ، ثمَّ أدركت الوصايا العشر إدراكاً روحيّاً مِن خلالِ هذهِ الضّوضاءِ، وهذا ما يُفسّرُ إختلافَ النّصِّ في الخروجِ عنهُ في التّثنيةِ ويدلُّ على أنَّ اللهَ قَد أبلغَ الوصايا العشرةَ معنىً لا لفظاً) (رسالةٌ في اللّاهوتِ والسّياسةِ حسَن حنفي ص 46) 

وقد تبيّنَ أنَّ الإختلافَ الذي أشارَت لهُ السّائلةُ هوَ إختلافٌ بينَ سِفرِ الخروجِ وسفرِ التّثنيةِ فيما يخصُّ تعليلَ تقديسِ يومِ السّبتِ وإكرامِ الوالدينِ حيثُ جاءَ في سفرِ التّثنيةِ الإصحاحِ الخامس:

(إحفَظ يومَ السّبتِ لتُقدّسَه كما أوصاكَ الرّبُّ إلهك.

ستّةُ أيّامٍ تشتغلُ وتعملُ جميعَ أعمالِك. 

وأمّا اليومُ السّابعُ فسبتٌ للرّبِ إلهكَ، لا تعمَل فيهِ عملًا ما أنتَ وإبنُك وإبنتُك وعبدُك وأمتُك وثورُك وحمارُك وكلُّ بهائمِك ونزيلك الذي في أبوابِك لكي يستريحَ عبدُك وأمتُك مثلك.

واذكُر أنّكَ كنتَ عبدًا في أرضِ مصرَ، فأخرجَك الرّبُّ إلهُك مِن هناكَ بيدٍ شديدةٍ وذراعٍ ممدودةٍ لأجلِ ذلكَ أوصاكَ الرّبُّ إلهُك أن تحفظَ يومَ السّبتِ

أكرِم أباكَ وأمّكَ كما أوصاكَ الرّبُّ إلهُك لكَي تطولَ أيّامُك، ولكَي يكونَ لك خيرٌ على الأرضِ التي يُعطيكَ الرّبُّ إلهُك)

ولم نعثُر على إختلافاتٍ أخرى ومنَ الطّبيعيّ أن تكونَ هناكَ إختلافاتٌ في تفسيرِها وشروحاتِها.

المرفقات