السرقات البيضاء ادخار ام ماذا؟

 

تحقيق

قد يكون مبلغا لا يستهان به من المال  وربما يكون بضعة الاف من الدنانير لا تتجاوز اصابع اليد الواحدة الا ان السرقة واحدة وقد تجد المرأة نفسها في بعض الاحيان امام خيار لا يحلله الشرع ولا يجيزه القانون  فتتحول لظروف خاصة  الى لص محترف  فتأخذ مبلغا بسيطا من المال من جيب زوجها  في غفلة منه لتنفقه على بيتها او على نفسها  مما يتسبب في احداث شرخ كبير من عدم الثقة في علاقتها الزوجية

فبعض  النساء تحلل لنفسها ما حرمه الشرع وتجيز لنفسها هذه السرقات البيضاء التي ما زالت مستمرة دون ان تقيد في سجلات الشرطة او تصل الى اروقة المحاكم وقد يبقى الزوج  ولسنوات طويلة يسرق مع سبق الاصرار والترصد دون ان يفطن لذلك حتى يتحول النزر القليل الى مبلغ لا يستهان به من المال تستغله الزوجة لشراء حاجة من احتياجات المنزل او قطعة ذهب ثمينة.

فماذا تقول النساء عن هذه السرقات وما رأي الرجال بها وماذا يقول الشرع عنها هل هي اثم ام نستطيع ان نعتبره نوع من الادخار المشروع وما هي الاسباب التي تدفع الزوجة الى سلوك مثل هذا التصرف ؟

زوج مبذر

السيدة ام احمد التي استهجنت  اطلاقي صفة السرقة على هذا التصرف  بادرتني قائلة : انا لا أوافقك الرأي ولا يمكن  ان اسمي هذا التصرف سرقة بل هو نوع من الادخار ففي بعض الاحيان تعاني الزوجة من زوج مبذر يبرر تبذيره  للمال   بشعار(  اصرف ما في الجيب يأتيك ما في الغيب )  فينفق ماله ومال زوجته  على اشياء غير ضرورية مثل الاكل في المطاعم او شراء الملابس الفاخرة دون ان يأخذ بالحسبان ان الدنيا يومان يوم لك ويوم عليك  وهنا تكون الزوجة  مجبرة على ان تأخذ من جيب زوجها وبدون علمه  طبعا مبلغا بسيطا من المال وتضعه جانبا لان على الانسان ان يحسب حساب نوائب الدهر وان يدخر لغده، فنحن لا نعرف ماذا يخبئ لنا القدر من مرض او عطل سيارة وغير ذلك من الازمات التي قد تمر بها جميع العوائل وخاصة العوائل ذات الدخل المحدود وان لم يكن لدى العائلة ولو مبلغا بسيطا من المال فأنها ستلجأ الى الاستدانة وهو امر يبعث على الاسى لعائلة لديها مردود جيد من المال.

حرام ام حلال                                                                

اعترفت  ام سالار و قالت نعم انا اسرق من زوجي ولدي ما يبرر ذلك فأنا  اعيش مع زوج بخيل مقصر بحقي وبحق اولادي فانا اضطر في بعض الاحيان ان اخذ الفي دينار او ثلاثة  الآف دينار من محفظة زوجي بحيث لا يشعر باختفائها واقوم بشراء ما احتاج اليه وربما ادخر المبلغ الباقي لشراء حاجة من احتياجات المنزل  واخبر زوجي في هذه الحالة انني اضطررت الى الاستدانة من اهلي او  صديقتي او انهم عرضوا علي شراءه بالتقسيط المريح مثلا لأقناعه فيقوم في هذه الحالة بإعطائي المبلغ او جزء منه بغية تسديده فأحصل في هذه الحالة على مبلغ اضافي اذخره لأشتري به اشياء اخرى بعد فترة من الزمن وانا لا اعرف اذا كان تصرفي هذا حراما او حلال! 

الطبع غلاب

اما السيدة زهراء راضي فتقول انا مع المرأة التي تدخر مال زوجها ولا اقول تسرق وهو برأيي الحل المثالي امامها  فبعض الرجال ليس لديهم ادنى احساس بالمسؤولية  وتصرف المرأة وأن  كان خاطئا الا انه دليل على  حرص الزوجة على مستقبل عائلتها فالقرش الابيض كما يقولون ينفع في اليوم الاسود  والايام السوداء التي تواجه العائلة العراقية  كثيرة ومتوقعة وهو ليس تشاؤما ولكن من المفترض ان يتوقع الانسان كل شيء في هذه الدنيا

والمشكلة ان الزوجة قد تحسب  في بعض الاحيان حساب الشرع والدين والحديث للسيدة زهراء وتشعر  ان ما تقوم به هو حرام او على الاقل عيب وتخبر زوجها بضرورة  استقطاع مبلغ من المال للادخار وتنفذ هذا المشروع  الا ان هذا الزوج سرعان ما يقوم بأنفاق المبلغ الذي بحوزته ويعود الى المال الذي ادخرته الزوجة ويقوم بتبذيره ايضا فالطبع وكما يقولون غلاب.

ذكريات مبذر

اما الرجال فأناب عنهم الاستاذ  جميل صابر الذي استمعنا لذكرياته  بهذا الشأن وقال:

 قبل ان اتزوج كنت شابا مبذرا انفق كل ما لدي لاشترى كل ما تشتهيه  الانفس من ملابس راقية واكلات لذيذة وقد لامني الكثيرون على هذا التصرف كوني غير متزوج  ولا بد ان ادخر مبلغا من المال  للزواج وقد اقترح احد الاصدقاء على والدتي ان تقوم بسرقة  بعض المال مني لتذخره ليوم زواجي دون علمي غير انها رفضت المقترح رفضا قاطعا وسرعان ما ابلغتني بكل ما دار بينهما وبدوري شجعتها انا على ذلك لأنني اعرف مسبقا انني لا استطيع ادخار أي مبلغ ما لم تكن لي زوجة  تأخذ على عاتقها لممت شعثي الا نها رفضت ذلك ايضا بقولها (تريدني ابوك تالي عمري خلف الله عليك) فشتان ما بين نساء ايام زمان ونساء اليوم.

انعدام الثقة

 صحيح ان المبلغ بسيط والبعض قد يستهان به الا ان تبعاته  وكما يقول ابو كرار كثيرة وخطيرة  فعلى اقل تقدير تؤدي مثل هذه السرقات الى انعدام الثقة بين الزوجين وانا شخصيا كانت لي تجربة خاصة في هذا الموضوع حيث اكتشفت قبل فترة ليست بالقصيرة ان هناك مبالغ صغيرة تختفي من محفظة نقودي في بادئ الامر لم اكترث للموضوع  حتى لاحظت استمرار هذه السرقات الامر الذي جعلني اصارح  زوجتي التي انكرت في البداية ونفت علمها بالأمر الانها وبعد ضغط  شديد  اعترفت بكامل القصة واكدت ان ما فعلته كان في مصلحة العائلة واوهمتها بانني اقتنعت بالأمر الا ان هذه السرقات ورغم ضآلتها احدثت شرخا كبيرا في علاقتي بها وجعلت ثقتي بها تهتز وما زالت كذلك الامر الذي جعلني الجأ الى والدتي او احدى اخواتي لأضع عندها ما يزيد عن حاجتي من مال.

ماذا يقول الشرع؟

بعض الرجال  لا يدخرون أي مبلغ  من المال في منازلهم  وغالبا ما يلجأ الزوج الى شقيقته او والدته لحفظ ما يزيد عن حاجته من المال  ولا ادري هل هو نوع من عدم الثقة ام  بسبب اتهامه لها بالتبذير او ربما لعلمه مسبقا ان معرفة الزوجة بالرقم الحقيقي لثروة زوجها يجعلها  تستنزف ما لدية من مال  لعلمها ان جريان المال في يد الزوج يجر الى ما لا يحمد عقباه اسهلها من وجهة نظرها الزواج من امرأة غيرها                     

لقطع الشك باليقين طرحنا هذا الموضوع على سماحة الشيخ حسن الحلي وكيل السيد علي السيستاني في محافظة بابل حيث قال  : لا يجوز للمرأة سرقة مال زوجها مهما كان المبلغ ضئيلا  ومهما كانت الاسباب وان كان بهدف الادخار او غيره لان الواجب الشرعي للرجل هو عدم التقصير في حق الزوجة واولادها من ناحية المأكل والملبس والمسكن وعدا ذلك فهو غير ملزم بغيرها من  الامور الثانوية ، اما اذا كان الرجل بخيلا جدا و مقصرا في حقها  ولا يلبي ما ذكرناه فلها الحق ان تأخذ ما يسد رمقها واطفالها لا غير.

ساجدة ناهي

المرفقات