460 ــ يوسف بن أبي ذئب (توفي 1160 هـ / 1748 م)

قال من قصيدة في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) تبلغ (67) بيتاً:

فـاذكـرْ مـصـيبتَهم بعَر      صةِ (كربلا) تنسى المصائبْ

تاللهِ لا أنـسـى الـحـسيـ      ـنَ وقـد وقـفـنَ بــه الـركـائـبْ

مستخبراً ما الأرضُ قا      لوا (كربلا) يـا ابـنَ الأطـايبْ

وقال من أخرى في رثائه (عليه السلام) تبلغ (67) بيتاً:

أأمثّلُ المولى الحسينَ بـ (كربلا)      صادي الحشاشةِ بَعد بُعدِ مَزارِ

ألـقى عصا المسرى بها معَ فتيةٍ      مـن حـولِـه كالبدرِ بين دراري

الـحـافـظـيـنَ له الذمامَ وشيمةُ الـ      أبـرارِ تَـحـفــظ ذمَّــةَ الأبــرارِ

ومنها:

لهفي على بدرِ الـهـدايـةِ والـنـدى      بعراصِ سرحةِ (كربلا) مُتواري

مَـن مُـبـلـغِ الـهـادي الـنبيَّ محمدٍ      خـبـراً ولـيـسَ كــسـائـرِ الأخــبـارِ

أنَّ الحسينَ رمته أيدي البغي عن      قـوسِ الـعـنـادِ بــأســهـمِ الأوغــارِ

وقال من قصيدة تبلغ (16) بيتاً ارتجلها عند قبر الإمام الحسين (عليه السلام) أثناء زيارته له:

يحدو به حادي الرَّدى      وإليهِ أنَّى صـارَ صائرْ

حتى دنـا من (كربلا)      بـمـواردٍ ليستْ تُصادرْ

ابني الـفرائضِ والنوا      فلِ والمنازلِ والمشاعرْ

وقال من أخرى:

وأعـظـمُ مـن ذاكَ يــومٌ لــهمْ      فـيـا لـكَ يـومـهـمُ الــمـــهولا

نـــبــيــتُ بــأهـــوالِــه ولَّــهاً      ونـصـبـحُ مــن رزئِــه ذهّلا

فيا (كربلا) كمْ فطرتِ الحشا      بعضبِ المصيبةِ يا (كربلا)

وقال من أخرى تبلغ (93) بيتاً:

وأجـلُّ مـرزيــةٍ لــفــاطــمَ وقعةٍ      تـتـبـدَّلُ الـدنـيـا ولـمْ تتبدلِ

يوماً بأيمنَ نهرِ عرصةِ (كربلا)      للهِ مِــن يومٍ هناكَ مُـهـوَّلِ

يسطو على قلبِ الـخـمـيسِ كأنّه      صبحٌ يزيلُ ظلامَ ليلٍ أليلِ

وقال من أخرى تبلغ (89) بيتاً:

معرَّسهمْ فيها بعرصَةِ (كربلا)      أقامَ البلا والكربُ حيث أقاموا

زعـيـمـهـمُ فـيـها وقـائـدُهـم لها      فـبـورِكَ وضّـاحُ الجبينِ هُمامُ

أبو هممٍ من أحمدَ الطهرِ نـبعُها      لها من عليٍّ صـولـةٌ وصـدامُ

وقال من أخرى تبلغ (56) بيتاً:

كمْ ذقتُ من كربٍ بعرصةِ (كربلا)      مُـرٌّ مـجـاجـتـهـا كـطـعمِ العلقمِ

للهِ مــا حــشــدتْ عــلــوجُ أمــيــــةٍ      مِنْ كلِّ جيشٍ للضلالِ عرمرمِ

قـصـمـتْ ذُرى الـعـلـيا بباعٍ قاصرٍ      ولوتْ لوى التقوى بـكفٍّ أجذمِ

الشاعر

يوسف بن عبد الله بن محمد بن أحمد آل أبي ذيب من آل المقلد المنتسبين إلى قصي بن كلاب أحد أجداد النبي (صلى ‌الله ‌عليه ‌وآله) ولد بالبحرين وهاجر إلى العراق لطلب العلم مع جماعة من آل أبي ذيب ثم عاد إلى بلده وتوفي فيه، وقد وصفه البعض بـ (البصري) وربما جاء هذا الوصف من سكنه البصرة لفترة فإنه ولد وتوفي بالبحرين.

قال عنه السيد جواد شبر في (أدب الطف): (هو أحد الأعلام الكبار والشعراء العظام الذين تزيّن بهم القرن الثاني عشر جاء ذكره في كثير من الدواوين والمعاجم، ومراثيه في الحسين عليه ‌السلام تدل على عظيم عبقريته ونبوغه).

وقال عنه الشيخ محمد السماوي في (الطليعة من شعراء الشيعة): (كان فاضلاً مشاركاً في العلوم تقياً ناسكاً أديباً شاعراً، جيد الشعر قوي الأسلوب ذا عارضة، وكان مفوَّهاً حسن الخط...)

وقال عنه الشيخ جعفر محبوبة في كلمة له في مجلة الهاتف: (هو من شعراء أهل البيت المجيدين والسابقين في حلبات الرثاء وربما امتاز شعره عن شعر البحارنة بسبك اللفظ ورصانة التركيب وهو من أسرة تعرف بآل أبي ذيب من عهد قديم وللآن توجد لهم باقية، وكان له حفيد يقيم في البصرة سنة 1325 وربما وُصف المترجم كما في مجامع الرثاء بالبصري ولعله سكنها ردحاً من عمره).

كما ترجم له السيد محسن الأمين في (أعيان الشيعة) والشيخ فرج آل عمران القطيفي في (الروضة الندية في المراثي الحسينية) والشيخ علي منصور المرهون في (شعراء القطيف)

أما ديوانه فيقول عنه السيد شبر: (كانت نسخة منه في مكتبة الشيخ السماوي كتب عليها (ديوان أبي ذئب) وفي مجموعة الشيخ لطف الله الجدحفصي جملة من شعره)

شعره

قصائد أبي ذئب في رثاء الإمام الحسين (عليه السلام) كثيرة ومطولة وقد اخترنا نماذج من بعض قصائده:

فـلـبّـاهـمُ لـمَّـا دعـوهُ ولــمْ تــــــزلْ      تلبّــي دعاءَ الـصـارخـينَ كـرامُ

فـسـاقَ لـهـمْ غُـلـبـاً كأنَّهمُ عــلى الـ      عــوادي بدورٌ في الـكـمالِ تمامُ

مساعيرُ حربٍ من لويِّ بن غــالبٍ      عـــزائــمُـهـم لـم يـثـنـهـنَّ زِمامُ

هـمُ الــصـيـدُ إلّا أنَّـهمْ أبحرُ الــندى      وأنَّـــهـمُ لـلـمـجـدبــيــنَ غَــمـامُ

يعبِّي بقلبٍ ثابتِ الـجـأشِ جــيــشَــه      لخـوضِ عبابٍ شبَّ فيه ضرامُ

ويـرمـي بهمْ زجَّ الـمـغـاويـرِ غارةً      كـما زجَّ من عوجِ القسيِّ سهامُ

فما برحوا كالأسْدِ في حومةِ الوغى      لــهـا الـيـزنـيّــاتُ الرماحُ أجامُ

إلى أن تَــداعــوا بـالعوالي وشيّدتْ      لــهـمْ بـالـعـوالـي أربــعٌ ومـقامُ

بنفسي أبيّ الضيمِ أضـحـى نصيرُه      لــدى الـروعِ لـدنٌ ذابـلٌ وحسامُ

أبـى أن يـحـلَّ الـضـيـمُ مـنه بمربعٍ      وهيهاتَ ربُّ الفخرِ كيفَ يُضامُ

**************************************

صـبٌّ يـبـيـتُ مُـسـهَّــداً فـكـأنَّـمــا      أجـفـانُـه ضــمـنـتْ برعي الأنجمِ

بـرحَ الـخـفـاءُ بـحـرقـةٍ لا تـنطفي      ورسيسِ وجـدٍ في الصدورِ مُخيَّمِ

يـا يـومَ عـاشـوراءَ كـمْ أورثـتـنـي      حـزنـاً مــدى الأيــامِ لـمْ يـتصرَّمِ

مـا عـادَ يـومُـكَ وهـوَ يــومٌ أنـكـدٌ      إلّا وبـــتُّ بــلـيـلِــه الـمـتـألّـــــــمِ

يا قـلـبُ ذبْ وجــداً عـلـيـهِ بحرقةٍ      يا عين مــن فرطِ البُكا لا تسأمي

يا سـيـدَ الـشـهـداءِ إنِّـــي والـــذي      رفـعَ الــسـمـاءَ وزانَــهــا بالأنجمِ

لو كنتُ شاهدَ يومَ مصرَعِكَ الذي      فضَّ الحشاشةَ بالمُصابِ الأعظمِ

لأسـلـتُ نفسي فوقَ أطرافِ الظبا      سـيـلانُ دمـعيَ فيكَ يا بنَ الأكرمِ

***********************************

بأبي وبي أفدي ابنَ فاطمَ والوغى     مُـتـسـعّـرٌ يــغـلـي كـغـلي المرجلِ

فـكـأنّـه مـن فـوقِ صـهـوةِ طِـرفهِ      قـمـرٌ عــلى فلكِ سرى في مجهلِ

وكـأنّـه والـشـوسُ خـيـفـةَ بــأسِـهِ      أسَـدٌ يـصــولُ عـلـى نــعــامٍ جـفّلِ

يـحـكـي عـلياً في الصراعِ وهكذا      يـرثُ الـبـسـالـةَ كــلُّ نــدبٍ أبسلِ

ما زالَ والـسـمـرُ الـلدانِ شوارعٌ      والبيضُ تبرقُ في سحابِ القسطلِ

يسطو على قلِب الـخـمـيـسِ كـأنّه      صـبـحٌ يـزيـلُ ظـلامَ لــيــلٍ ألــيلِ

حـتـى تـجـدّلَ فـي الصعيدِ معفّراً      روحي الــفــدا لـلـعـافـرِ الـمتجدِّلِ

فـنـعـاهُ جـبـريـلُ الأمينُ وأعولتْ      زمرُ الـمـلائـكِ مَـحـفـلاً في محفلِ

أقـوتْ بـه تـلكَ الـبـيـوتـاتُ الـتـي      أذنَ الإلـهُ بـذكـرِهــا أن تــعـتــلي

وغــدتْ بــه أمُّ الـعـلاءِ عـقـيـمـةً      هـيـهـاتَ فـهـيَ بـمـثـلِـه لـمْ تحملِ

**********************************************

قـال انــزلــوا فــإذا الكتا      ئبُ حوله تـتـلـو الـكتائبْ

فـتـبـادرتْ أنــصــــــارُه      كـالأسْـدِ مـا بـينَ الثعالبْ

أسْـدٌ نـواجــذُهـا الأســنّـ      ـةُ والسيوفُ لـهـا مـخالبْ

بـيـضٌ كــأنَّ رمــاحَـهـمْ      وسـيـوفَـهـم شُـهبٌ ثواقبْ

وكـأنَّــهـمْ تـحـتَ الـعـجا      جِ كواكبٌ تحتَ الـغـياهبْ

فتراكمتْ سـحـبُ الفضا      فـتـحـجَّـبـتْ تـلكَ الكواكبْ

وبقي الحسينُ مع العدى      كـالـبـدرِ مـا بـينَ السحائبْ

يـلـقـى الـصفوفَ مكبّراً      والسيفُ بالهاماتِ خاطــبْ

كـالـلـيـثِ في وثــبــاتـه      وَثَـبـاتــه بـيـن الـمـضـاربْ

يــسـطـو بــعــزمٍ ثـاقبٍ      كالسيفِ مصقولُ الضرائبِ

حـتـى هوى عن سرجِهِ      كـالـنـجـمِ أو كـالبدرِ غاربْ

محمد طاهر الصفار

 

 

المرفقات